على غير عادته جلس سعيد على كرسيه في المقهى حيث اعتاد ان يلاقي أصدقاءه كئيب الوجه حزين الملامح بعد أن غابت تلك الإبتسامة المعتادة من على شفتيه، كانت هيئته تشي بأن شيئا ما قد حدث وغير حياة صاحبنا من حال إلى حال ، ومما زاد من حيرة الإصدقاء هو رفضه المطلق الخوض في الموضوع والكشف عن جلية الخبر حيث ظل مكتفيا بترديد هذه العبارة " شي باس ماكاين غير الساعة لله وخلاص."
غادر أغلب رواد المقهى عندما شرع أصدقاء سعيد في التفرق من حوله حتى لم يبق منهم سوى إبراهيم الصديق الأقرب إلى نفسه عندما انحلت عقدة اللسان فجأة وشرع في نفث بعض ما يثقل صدره "راني مقلق مع مالين الدار" ليشرع بعدها في سرد تفاصيل الحكاية على مسامع جليسه مستهلا بقوله "دارها البارابول أخويا ابراهيم ".
لم يتطلب الأمر كثير شرح وتفسير لتتوضح تفاصيل الحكاية التي قلبت حياة سعيد رأسا على عقب ، فالرجل وبعد أن طلب من زوجته ما يطلبه الرجال وهو في عز نشوته الجسدية سيرتقي مرتقى صعبا وهو يطلب منها تجربة الممارسة في وضعيات مختلفة انسجاما مع أبطال الفيلم البورنوغرافي الذي شاهداه غير أن الزوجة وعلى غير المتوقع ستقابل الطلب بالصدود وتعتبره جارحا في حقها باعتباره أمرا لا يطلب من حليلة قبل أن تتشنج العلاقة وتصل إلى مدارك الخصام.
كان الرجل يسرد القصة وهو يحاول أن يتلمس مشروعية مطلبه من خلال سرد مجموعة من التعليقات فالرسول «ص» في عرفه قد أكد على أن أحسن النساء هي تلك الداعر في حضن زوجها العفيف في غيبته، كما أن فقهاء الاسلام قد أباحوا في أكثر من فتوى مشروعية مداعبة الزوج لزوجته وملاطفتها عبر الممارسة في وضعيات مختلفة فهذا شيخ الاسلام القرضاوي قد أعلنها من على شاشة الفضائيات بأنه لا حرج على الزوجة في أن تداعب قضيب زوجها بالشفتين وغيرها كثير من الدلائل التي استند اليها سعيد في التدليل على حقه في المطالبة بما طالب به، مع التأكيد على أن التراث الإسلامي مليء بالقصص التي تجعل من الممارسات الجنسية بين الزوجين تتخذ لها وضعيات متباينة بدليل قوله تعالى "نساؤكم حرث لكم فأتو حرثكم انى شئتم" وحتى في كتب التراث نجد مجموعة من التعابير التي تسير في نفس المنحى كقول الراوي في قصة ألف ليلة وليلة تعليقا على دخول البطل على حبيبته ليلة زفافهما«ولا زال بوابا لبابها ، وإماما لمحرابها، وهي معه في ركوع وسجود وقيام وقعود إلى أن اذن الفجر.
كانت هذه الأدلة تأتي مسترسلة على لسان سعيد وكانه يتلمس العذر لمطلبه قبل أن يقاطعه صديقه بسؤال مستفز"ياك ما قلتي ليها تقلب البلغة المسخوط" وقد كان هذا السؤال كافيا لقلب مجريات الحديث حين انتفض الرجل وهو يجيب بلهجة المتحدي "واش فيها كاع ياك الدار دارنا والزريبة زريبتنا" قبل ان يردف بلهجة المستكين "وراه حتى اللحم إلا خناز تايهزوه ماليه" في إشارة إلى أن الزوجة عليها ان تتحمل نزوات زوجها حفاظا على سعادة البيت الزوجية ، ففي عرف سعيد أن الزوجة عليها ان تتحمل نزوات زوجها حتى ولو ارتقت مرتقى الشذوذ على اعتبار أن "المرا ديال المعقول هي اللي تاتعرف اش تايبغي راجلها فالفراش" وأنه خير للمرء أن يلتمس ذلك من حلاله بدلا من خوض تجربة خارجية غير مضمونة النتائج.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق